حادثة الزيوت المسمومة
بدأت قضية الزيوت المسمومة في صيف 1959، وكانت مأساة هزت المغاربة بعد الاستقلال. وظهرت حالات التسمم بين آلاف المواطنين بمختلف المدن، من بينها مكناس وسيدي سليمان وسيدي قاسم والخميسات وغيرها من المدن. لقد كانت كارثة غذائية غيرت حياة ما يقرب من عشرين ألف شخص، مات بعضهم وأصيب آخرون بالشلل من الخصر إلى الأسفل.
وأظهرت التحقيقات لاحقاً أن أنواع زيوت الطبخ التي يستهلكها السكان تأتي من زيوت تشحيم الطائرات العسكرية. وقام أحد التجار بشراء هذه الزيوت من سماسرة في القواعد الأمريكية المتواجدة في المغرب.
وهو مرتبط بمادة سامة تسمى "TSP"، والتي تعني فوسفات ثلاثي الصوديوم. وقاموا بخلط 76% من هذه المادة السامة مع 33% من الزيوت النباتية الطبيعية الصالحة للأكل ثم باعوها بسعر رخيص للناس.
وكشفت التحقيقات لاحقاً أن كمية هذه المادة السامة التي خلفتها الولايات المتحدة الأمريكية ستكون كافية لقتل ملايين الأشخاص إذا تم إطلاقها على نطاق واسع.
تتجمع العائلات حول الطاولات، وتستمتع بوجبات لذيذة مطبوخة بهذه الزيوت المسمومة. وبعد أيام قليلة، بل وساعات قليلة، امتلأت المستشفيات بحالات التسمم الخطيرة، وحتى القاتلة، ووجد الأطباء أنفسهم أمام جيش من المرضى الذين يعانون من مرض قاتل وغير معروف.
وأثارت هذه الحادثة غير المعروفة حالة من الذعر بين السكان. تعددت الآراء حول الموضوع:
فمنهم من رأى أن الحادثة مرتبطة بالجن، وهناك من هرب إلى مدن أخرى معتقدًا أن ما أصاب الآخرين هو مرض قاتل ومعدٍ.
كيف كان رد فعل السلطات المغربية على هذا الحادث المأساوي؟
وتم تقديم الدعم بشكل رئيسي للمتضررين من الحادث، بما في ذلك الزيت والدقيق والحليب وغيرها من المواد الغذائية الأساسية. ونشر الملك الراحل محمد الخامس مرسوما ملكيا رقم 231-60-1 مؤرخ في 7 ديسمبر 1960 في الجريدة الرسمية العدد 2517. وينص على عقوبة الإعدام لمرتكبي الجريمة، وكذلك السجن المؤبد للمشاركين في الجريمة.
كما ينص هذا المرسوم على تخصيص تعويضات لفائدة الضحايا، من خلال تقديم إعانات شهرية تصل إلى 1000 درهم للضحية، و200 درهم لكل طفل دون 21 سنة. إلا أن هؤلاء الضحايا لم يحصلوا على حقوقهم واستمروا في الاحتجاج لسنوات للمطالبة بحقوقهم والمطالبة بالتسوية المالية.
وفي عام 2010، تم التوقيع في مقر وزارة الاقتصاد والمالية على اتفاقية لتحقيق العدالة للضحايا.
