تاريخ الدستور المغربي
محمد هلال
1. تعريف الدستور المغربي
الدستور المغربي هو الوثيقة الرسمية التي تحدد النظام الدستوري والسياسي للمملكة المغربية، وقد تم اعتماده في 1 يوليو 2011. وهو يعتبر الدستور السادس في تاريخ المملكة المغربية، حيث يتكون من 180 مادة تتضمن تحديد مهام الحكومة والبرلمان والرئيس والقضاء وكذلك حقوق وحريات المواطنين والمقيمين في المملكة.
يهدف الدستور المغربي إلى تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وتحسين مستوى الحياة في المملكة، ويتضمن عدة تعديلات لتحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
من بين أبرز مواد الدستور المغربي: الفصل الأول الذي يتحدث عن الهوية والمكانة الدستورية للمملكة، والفصل الثاني الذي يتحدث عن الحقوق والحريات الأساسية، والفصل الخامس الذي يتحدث عن مجلس النواب ومجلس المستشارين وصلاحياتهما، والفصل العاشر الذي يتحدث عن السلطة القضائية وصلاحياتها، والفصل الحادي عشر الذي يتحدث عن الحكومة ورئيس الحكومة وصلاحياتهما.
2. تاريخ الدستور المغربي
يعود تاريخ الدستور المغربي إلى عام 1962، عندما أصدر الملك الراحل الحسن الثاني دستوراً جديداً للمملكة المغربية. وكانت هذه الخطوة جزءًا من جهود الملك لتحديث النظام الدستوري وتحسين الحكم في المملكة.
ومنذ ذلك الحين، شهد الدستور المغربي عدة تعديلات وتحديثات، حتى وصل إلى النسخة الحالية التي تم اعتمادها في 1 يوليو 2011. وكانت هذه النسخة من الدستور نتيجة لعملية استشارية واسعة النطاق شملت جميع فئات المجتمع المغربي، وتضمنت إدخال تحسينات وتعديلات على عدة مواد في الدستور السابق. ويعتبر الدستور الحالي هو الدستور السادس في تاريخ المملكة المغربية.
3. دستور 1906
دستور المغرب عام 1906 كان أول دستور يصدر في تاريخ المغرب، وقد تم إصداره خلال الحقبة الاستعمارية التي امتدت منذ بداية القرن العشرين حتى عام 1956. وكانت هذه الفترة مليئة بالتغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث شهدت المملكة المغربية احتلالًا فرنسيًا وإسبانيًا وكان الدستور يهدف إلى تنظيم العلاقات بين السلطات الاستعمارية والشعب المغربي.
أصدر السلطان المغربي عبد العزيز الدستور في 7 أكتوبر 1906، وقد نص على عدة أمور منها:
إنشاء مجلس استشاري يعرف باسم "مجلس النواب" للمشورة في القضايا المتعلقة بالمصالح العامة.
تحديد صلاحيات السلطات الاستعمارية والسلطات المحلية في المدن والقرى.
إنشاء الوزارات وتحديد صلاحيات كل وزير.
تحديد الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين المغاربة.
إلغاء العقوبات الجسدية والإعدام.
يعتبر دستور 1906 خطوة مهمة في تاريخ المملكة المغربية، حيث شكل نقطة انطلاق للعملية التشريعية في البلاد، وأعطى بعض الحقوق والحريات للمواطنين المغاربة، إلا أنه لم يمنح الاستقلال الكامل للمملكة ولم يتماشى مع مطالب الشعب المغربي بالحرية والاستقلال.
3. دستور 1962
دستور 1962 هو الدستور الثاني الذي صدر في المملكة المغربية بعد دستور 1906، وقد أصدره الملك الراحل الحسن الثاني في 10 مارس 1962. وجاء إصدار هذا الدستور بعد عامين من الاستقلال الفعلي للمملكة المغربية عن فرنسا.
ويمكن التعرف على بعض محتويات الدستور على النحو التالي:
تم تعزيز سلطات الملك في الدستور، حيث يتولى الملك دور رئيس الدولة والجيش والشرطة والدين، ويحمل مسؤولية حماية الدستور والوحدة الوطنية.
تم تأسيس مجلس النواب كمجلس تشريعي، والذي يتم انتخاب أعضائه عن طريق الانتخابات العامة.
تم إنشاء الحكومة كهيئة تنفيذية، ويتم تعيين رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة من قبل الملك.
تم إضافة بعض الحقوق والحريات للمواطنين، بما في ذلك حقوق العمال وحق التعبير وحرية المعتقد والتعبير الثقافي.
تم إنشاء المجلس الاستشاري لتمثيل مختلف المصالح المجتمعية.
تم تحديد العلاقات بين المملكة المغربية ودول العالم الأخرى، وتم الاعتراف بالأمم المتحدة كسلطة دولية.
يعتبر دستور 1962 خطوة هامة في تطوير النظام الدستوري في المملكة المغربية، حيث جعل من الممكن تشكيل الحكومة والبرلمان، وتحديد صلاحيات الملك وتعزيزها، ومنح بعض الحقوق والحريات للمواطنين. ومع ذلك، فإن هذا الدستور لم يستجب بشكل كافٍ لمطالب الحركات الوطنية الذين كانوا يدعون إلى الاستقلال الكامل والديمقراطية الحقيق.
4. دستور 1972
الدستور الذي يلي دستور 1962 هو الدستور الذي صدر في 1 مارس 1972، والذي قدمه الملك الراحل الحسن الثاني بعد عشرة أعوام من صدور الدستور السابق.
يتضمن هذا الدستور العديد من التعديلات والتحسينات التي تهدف إلى تطوير النظام الدستوري في المملكة المغربية، ومن بين هذه التعديلات:
تعزيز سلطات الملك وتحديد مهامه بشكل أكبر.
تحديد صلاحيات البرلمان، حيث يتم انتخاب مجلس النواب والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بطريقة غير مباشرة.
تعزيز الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك حق التعبير والجمع والتظاهر والاعتقال القانوني وحق الدفاع.
تشكيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان لحماية حقوق المواطنين والعمل على تعزيزها.
تعزيز اللغة العربية كلغة رسمية في المملكة المغربية.
تعزيز الديمقراطية والتشاور والتعاون بين مؤسسات الدولة.
على الرغم من أن الدستور الذي صدر في 1972 قدم العديد من التحسينات والتعديلات الهامة في النظام الدستوري في المملكة المغربية، إلا أنه كان يتضمن أيضًا بعض النقاط السلبية والتي أثارت انتقادات واسعة، مثل عدم تمثيل النساء في البرلمان والحظر الكامل للأحزاب السياسية اليسارية. وقد أدى ذلك إلى تظاهرات واحتجاجات شعبية تطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية في البلاد.
5. دستور 1992
الدستور الذي يلي الدستور الذي صدر في 1 مارس 1972 هو الدستور الذي صدر في 10 مارس 1992. وقد جاء هذا الدستور بعد عقد من الزمن من صدور الدستور السابق، وتم إصداره في إطار الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المملكة المغربية في تلك الفترة.
يتضمن هذا الدستور العديد من التعديلات والإصلاحات التي تهدف إلى تطوير النظام الدستوري وتعزيز دور المؤسسات الديمقراطية والتشاركية في الحياة السياسية والاجتماعية في المملكة المغربية، ومن بين هذه التعديلات:
تحديد صلاحيات واختصاصات المؤسسات الدستورية، بما في ذلك البرلمان والحكومة والقضاء.
إدخال تعديلات في نظام الانتخابات، وتعزيز دور المجلس الجهوي والمجلس الجماعي في الحكم المحلي.
تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإدخال تعديلات على القانون الجنائي والقانون العقاري والقانون الأسري.
تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتعزيز محاربة الإرهاب.
تعزيز دور المرأة في المجتمع وتحسين حقوقها وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية.
تأسيس مجلس المستشارين كمؤسسة تشاركية لتمثيل مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة المغربية.
وبهذا الدستور، تم تحسين النظام الدستوري في المملكة المغربية وتعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
6. دستور 1996
دستور 10 مارس 1992 هو الدستور الحالي الذي صدر في 1 يوليو 2011. وقد جاء هذا الدستور بعد عدة سنوات من الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المملكة المغربية في إطار الربيع العربي.
يتضمن هذا الدستور العديد من التعديلات والإصلاحات التي تهدف إلى تطوير النظام الدستوري وتعزيز دور المؤسسات الديمقراطية والتشاركية في الحياة السياسية والاجتماعية في المملكة المغربية، ومن بين هذه التعديلات:
تعزيز صلاحيات الملك وتوضيح دوره في النظام السياسي.
تعزيز دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية والحفاظ على استقلال القضاء.
تحديد صلاحيات واختصاصات المؤسسات الدستورية، بما في ذلك البرلمان والحكومة والمجلس الأعلى للحسابات.
تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإدخال تعديلات على القانون الجنائي والقانون العقاري والقانون الأسري.
تعزيز مشاركة الشباب والنساء في الحياة السياسية والاجتماعية.
تعزيز دور المرأة في المجتمع وتحسين حقوقها وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية.
تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتعزيز محاربة الإرهاب.
وبهذا الدستور، تم تحسين النظام الدستوري في المملكة المغربية وتعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
7. دستور 2011
صدر الدستور المغربي الحالي في 1 يوليو 2011، ويعتبر أحدث دساتير المملكة المغربية. وقد صوت عليه معظم الناخبين المغاربة في الاستفتاء الشعبي الذي جرى في 1 يوليو 2011.
يتضمن الدستور الحالي عدة تعديلات وإصلاحات جوهرية تهدف إلى تطوير النظام الدستوري في المملكة المغربية، ومن بين هذه التعديلات:
تعزيز الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وتحديد دور المؤسسات الدستورية وصلاحياتها.
تعزيز دور الملك في النظام السياسي، وتوضيح صلاحياته ودوره في الحياة السياسية.
تعزيز دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتوضيح صلاحياته.
توسيع صلاحيات البرلمان وتعزيز دوره في صنع القوانين والرقابة على الحكومة.
تعزيز دور المجتمع المدني والمشاركة المجتمعية في الحياة السياسية والاجتماعية.
تعزيز دور المرأة في المجتمع وتحسين حقوقها ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية.
تحسين تنظيم الإدارة العمومية وتطوير آليات المراقبة والرقابة.
تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد والإرهاب.
تعزيز حرية الصحافة والتعبير وتحديث القوانين المتعلقة بالإعلام والاتصال.
وبهذا الدستور، تم تعزيز النظام الدستوري في المملكة المغربية وتطويره بما يتوافق مع متطلبات الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويعد من الدساتير المتقدمة في المنطقة العربية وشمال إفريقيا.
خلاصة
الدستور المغربي الحالي صدر في 1 يوليو 2011، ويعتبر أحدث دساتير المملكة المغربية، ويتضمن تعديلات وإصلاحات جوهرية في النظام الدستوري للبلاد، تهدف إلى تعزيز الحريات الأساسية وحقوق الإنسان وتطوير النظام السياسي وتوسيع دور المجتمع المدني وتحسين تنظيم الإدارة العمومية وتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد والإرهاب. ويعد من الدساتير المتقدمة في المنطقة العربية وشمال إفريقيا.